الاثنين، 14 أكتوبر 2013

سِدانة الكعبة.. مهنة تاريخية

الكعبة الشريفة ( 02 – 02 )


سِدانة الكعبة.. مهنة تاريخية بأيدي
آل الشيبي في مكة
تم النشر في 2013/04/05
الرياض - عبد الحي يوسف

على مر القرون وتتابعها، ظلت سدانة الكعبة الشريفة إحدى
 أعظم المهن وأجلها شرفا وسط البيئة العربية والإسلامية،
 بدأت مع إسماعيل - عليه السلام
وتنقلت بعده الى ايدي عائلات وقبائل عربية عريقة قبل ان تستقر
وبشكل نهائي، منذ عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم –
والى اليوم في أيدي

آل الشيبي

الذين يستوطنون حاليا مكة المكرمة.

السدانة، المهنة القديمة تعني
العناية بالكعبة المشرفة والقيام بشؤونها، من فتحها وإغلاقها وتنظيفها
وغسلها وكسوتها وإصلاح هذه الكسوة إذا تمزقت واستقبال زوارها
وكل ما يتعلق بذلك. ومع ان بعض هذه الوظائف، مثل تغيير الكسوة،
تقوم بها في الوقت الحالي جهات أخرى (مصنع كسوة الكعبة)،
إلا ان إنزال الثوب الجديد على الكعبة أو نزع الكسوة القديمة
لا يتم إلا في وجود السادن.


«لا ينزعها منكم إلا ظالم»
والأمر نفسه يحدث عند غسل الكعبة المشرفة، والذي يشمل فتح بابها
للدخول، فلا يمكن القيام به بغير إذن السادن من آل الشيبي وحضوره،
كما وجه الأثر النبوي الكريم. ويعتبر وجود هذا المفتاح في يدهم
من معجزات الرسول الكريم المعاصرة، فقد سلم المفتاح

لشيبة بن عثمان بن أبي طلحة،
وابن عمه عثمان بن طلحة، قائلا:
«خذوها يا بني طلحة خالدة تالدة لا ينزعها منكم إلا ظالم».

وهكذا فلم يجرؤ حاكم أو سلطان على اخذ مفتاح الكعبة من آل الشيبي،
ويعتبر حاليا الشيخ عبد القادر الشيبي هو السادن (أو كبير السدنة)
بعد وفاة الشيخ عبد العزيز الشيبي قبل نحو ثلاثة أعوام.

السن هي التي تحدد السادن
وتنتقل السدانة بالتوارث، ولا يشترط أن يكون السادن هو ابن السادن
السابق، فقد يذهب المفتاح إلى ابن العم، وهكذا. فالسن هي التي تحدد السادن
والسدانة مخصصة لذكور العائلة فقط، ويتم تثقيف الفتيات حول الإرث
التاريخي الذي تحمله العائلة، وترافق نساء عائلة السدنة الضيفات
المرافقات لضيوف الدولة.

وبفضل هذه المهام، تحظى عائلة الشيبي بمكانة مرموقة في المجتمع المكي
وينظر إليها كإحدى أهم العائلات ذات المكانة في المجتمع.

 الكيس والمفتاح في مكان آمن
ويحتفظ آل الشيبي بالمفتاح في كيس خاص تمت صناعته يدوياً
 في مصنع كسوة الكعبة من خامة القماش ذاتها التي تصنع منها
الكسوة ويبقى الكيس في مكان آمن لدى كبير السدنة، وعند وفاته
 ينتقل إلى الذي تتوافق عليه العائلة.

ووفق ما يذكره آل الشيبي، فان المفتاح لم يفقد أو يسرق في العصور الحديثة
إلا ان هناك محاولة جرت قديما جدا لسرقته بيد انها فشلت، وتم إرجاع
المفتاح إلى سادن الكعبة آنذاك.

وصف مفتاح الكعبة المشرفة
ومفتاح الكعبة، كما يذكر الشيخ عبد القادر الشيبي، هو مفتاح عادي
من الحديد يبلغ طوله 35 سم، وتم تغييره عدة مرات في عصور إسلامية مختلفة
والمفتاح الحالي تمت صناعته قبل تغيير الباب الحالي للكعبة، الذي صنع
في عهد الملك خالد بن عبد العزيز قبل أكثر من ثلاثين عاما، لكن المفتاح
والقفل ظلا من دون تغيير، وذلك خلافا للمقولة السائدة بانهما يتغيران
بتغير الباب.


60 ألف ريال للتجهيز  وشراء المواد
لأجل القيام بتكاليف الغسل والتطييب خصصت الحكومة السعودية نحو
60 ألف ريال تدفعها لآل الشيبي قبل موعد فتح الكعبة المشرفة للتجهيز
لعملية الغسل وشراء المواد، وهذا المبلغ يخضع للتغيير بين آونة وأخرى.

استرجاعها من خزاعة بعد حرب دامية
وفق المدونات التاريخية المعتمدة، فان سدانة الكعبة المشرفة كانت
عند بنائها بيد إسماعيل - عليه السلام. ثم بعد وفاته صارت لولده
ثابت بن إسماعيل إلى ان اغتصبها من ولده أخواله جرهم.
ومكثت السدانة في جرهم قرونا عدة إلى ان اغتصبتها منهم خزاعة،
ومكثت في خزاعة قرونا عدة إلى ان آل أمر مكة والكعبة المشرفة
إلى قصي بن كلاب بن مرة القرشي، وهو الجد الخامس للنبي
- صلى الله عليه وسلم - فاسترجعها من خزاعة بعد حرب دامية.
ثم صارت من بعده في ولده الأكبر عبد الدار، ثم صارت في بني
عبد الدار، جاهلية وإسلاما، إلى ان آل أمر السدانة
إلى شيبة بن عثمان بن طلحة
(واسمه عبد الله بن عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي)
ثم أولاد بني شيبة بن عثمان يتوارثونها إلى العصر الحاضر.

صورة اثناء فتح باب الكعبة المشرفة لغسيلها

دهن الورد والعود
يفتح آل الشيبي باب الكعبة المشرفة مرتين في العام وذلك لإتمام غسلها
من الداخل، ويشرف السادن على إدخال ماء زمزم الطاهر وخلطه بدهن
الورد والعود (من أجود الأنواع وأغلاها) ثم غسل أرضية الكعبة المشرفة
والمغطاة بالرخام وكذلك جدرانها الأربعة من الداخل على ارتفاع نحو مترين
ثم يتم إخراج الماء الى الخارج وتنشيفها ثم تطييبها من الداخل.

وتظل الكعبة محتفظة برائحة ذلك الطيب حتى موعد غسلها الثاني

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق