‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات قصص. إظهار كافة الرسائل

السبت، 15 مارس 2014

من كتاب : ‫#‏مالم_يخبرني_به_أبي_عن_الحياة‬1




يُروى أن كان هناك حصانان يحملان حمولتين، فكان الحصان الأمامي يمشي بهمة ونشاط، أما الحصان الخلفي فكان كسولا جدا، بدأ الرجال يكدّسون حمولة الحصان الخلفي (الكسول) على ظهر الحصان الأمامي (النشيط)
وبعد أن نقلوا الحمولة كلها، وجد الحصان الخلفي أن الأمر جدّ جميل، وأنه قد فاز وربح بتكاسله، وبلغت به النشوة أن قال للحصان الأمامي: اكدح واعرق!، ولن يزيدك نشاطك إلا تعباَ ونصبا!!.
وعندما وصلوا إلى مبتغاهم، قال صاحب الحصانين: ولماذا أُطعم الحصانين، بينما أنقل حمولتي على حصان واحد؟
من الأفضل أن أعطي الطعام كله إلى الحصان النشيط، وأذبح الحصان الآخر، وسأستفيد من جلده على الأقل!، وهكذا فعلها.





ظن هذا الحصان الذكي -وبعض الذكاء مهلكة!- أن الحياة تؤخذ بالحيلة، وأن الأرباح تُقسّم على الجميع سواسية، المجتهد منهم والكسول..
والمدهش أن هذه القصة تتكرر كثيرا في الحياة، يظن المرء في ظل وضع فاسد أن الحياة يملكها أصحاب الحيل، وأن الدَّهْماء هم الذين يضعون قوانين اللعبة!.

كثير من التعساء لا يدركون أن للحياة قوانين لا تحيد، حتى وإن غامت قليلا لظروف ما، تماما كما غامت أمام الحصان الكسول فغرّرت به.
ولعل من حسن طالعنا أن القرآن أخبرنا أن هناك قانونا في الحياة يُدعى قانون العمل: {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ}

بوضوح غير قابل للتشويش، الله -جل اسمه- يعطينا خلاصة قانون هام من قوانين الحياة، وهو العمل، والجد، والاجتهاد.. وهو ما سيتم تقييمه في الآخرة، فضلا عن الدنيا.
قانون السبب والنتيجة، والفعل وردّ الفعل، كلها تؤكد أن الأعمال تفرز نتائج معروفة وواضحة، وأن للحياة قواعد تسري على الكبير والصغير.

هل حزنت مثلي عندما وجدت أن هناك من هم أقل منك وفازوا، وأغبى منك وربحوا، وأصغر منك ونالوا من الحياة قسطا أكبر مما نلته؟!.
لا تحزن.. فالله لا يظلم مثقال ذرة، اعمل واكدح وقدّم ما تستحق عليه المكافأة في آخر الطريق، ولا تتذمّر، فربما قدّم هذا الشخص أو ذاك ما يستحق أن ينال ما تراه فيه من نعمة، أو ربما يُساق دون أن يدري إلى خاتمته، فتراه وقد ذُبح وسُلخ كصاحبنا الحصان!.


من كتاب : ‫#‏مالم_يخبرني_به_أبي_عن_الحياة‬لـ كريم الشاذلي

السبت، 26 يناير 2013

الأحد، 11 سبتمبر 2011

الـمُـغـفّـلــة


الـمُـغـفّـلــة
من روائع: أنطون بافلوفتش تشيكوف

منذ أيام دعوتُ الى غرفة مكتبي مربّية اولادي يوليا فاسيليفنا لكي أدفع لها حسابها

قلت لها: اجلسي يايوليا..
هيّا نتحاسب..
أنتِ في الغالب بحاجة إلى النقود،
ولكنك خجولة إلى درجة انك لن تطلبينها بنفسك..
حسنا..
لقد اتفقنا على ان ادفع لك ثلاثين روبلا في الشهر
قالت: أربعين
قلت: كلا،
ثلاثين..
هذا مسجل عندي..
كنت دائما ادفع للمربيات ثلاثين روبلا..
حسناً،
لقد عملت لدينا شهرين
قالت: شهرين وخمسة أيام
قلت: شهرين بالضبط..
هكذا مسجل عندي..
اذن تستحقين ستين روبلا..
نخصم منها تسعة ايام آحاد..
فأنت لم تعملّي كوليا في أيام الآحاد بل كنت تتنزهين معهم فقط..
ثم ثلاثة أيام أعياد

تضرج وجه يوليا فاسيليفنا،
وعبثت اصابعها باهداب الفستان ولكن..
لم تنبس بكلمة
*******
واصلتُ:
نخصم ثلاثة أعياد،
اذن المجموع اثنا عشر روبلا..
وكانت كوليا مريضاً اربعة ايام ولم تكن تدروس..
كنت تدرسين لفاريا فقط..
وثلاثة أيام كانت أسنانك تؤلمك فسمحتْ لك زوجتي بعدم التدريس بعد الغداء..
اذن اثنا عشر زائد سبعة.. تسعة عشر.. نخصم، الباقي ..هم.. واحد واربعون روبلا.. مضبوط؟

احمرّت عين يوليا فاسيليفنا اليسرى وامتلئت بالدمع، وارتعش ذقنها..
وسعلت بعصبية وتمخطت، ولكن..
لم تنبس بكلمة
*******
قلت: قبيل رأس السنة كسرتِ فنجانا وطبقا..
نخصم روبلين..
الفنجان أغلى من ذلك،
فهو موروث، ولكن فليسامحك الله!
علينا العوض..
وبسبب تقصيرك تسلق كوليا الشجرة ومزق سترته..
نخصم عشرة..
وبسبب تقصيرك ايضا سرقتْ الخادمة من فاريا حذاء..
ومن واجبك ان ترعي كل شئ،
فأنتِ تتقاضين مرتباً..
وهكذا نخصم ايضا خمسة..
وفي 10 يناير اخذت مني عشرة روبلات
همست يوليا فاسيليفنا: لم آخذ

قلت: ولكن ذلك مسجل عندي
قالت: حسناً، ليكن

واصلتُ: من واحد واربعين نخصم سبعة وعشرين..
الباقي اربعة عشر
امتلأت عيناها الاثنتان بالدموع..
وظهرت حبات العرق على انفها الطويل الجميل..
ياللفتاة المسكينة
قالت بصوت متهدج: أخذتُ مرة واحدة.. أخذت من حرمكم ثلاثة روبلات.. لم آخذ غيرها
قلت: حقا؟ انظري،
وانا لم اسجل ذلك!
نخصم من الاربعة عشر ثلاثة،
الباقي احد عشر..
ها هي نقودك يا عزيزتي!
ثلاثة.. ثلاثة.. ثلاثة.. واحد، واحد.. تفضلي
ومددت لها احد عشر روبلا..
فتناولتها ووضعتها في جيبها بأصابع مرتعشة..
وهمست: شكراً
*******
انتفضتُ واقفا واخذتُ أروح واجئ في الغرفة واستولى عليّ الغضب
سألتها: شكراً على ماذا؟
قالت: على النقود
قلت: ياللشيطان،
ولكني نهبتك،
سلبتك!
لقد سرقت منك!
فعلام تقولين شكراً؟
قالت: في أماكن أخرى لم يعطوني شيئا
قلت: لم يعطوكِ؟!
ليس هذا غريبا!
لقد مزحتُ معك،
لقنتك درسا قاسيا..
سأعطيك نقودك،
الثمانين روبلا كلها!
هاهي في المظروف جهزتها لكِ!
ولكن هل يمكن ان تكوني عاجزة الى هذه الدرجة؟
لماذا لا تحتجين؟
لماذا تسكتين؟
هل يمكن في هذه الدنيا ألاّ تكوني حادة الانياب؟
هل يمكن ان تكوني مغفلة الى هذه الدرجة؟
ابتسمتْ بعجز فقرأت على وجهها: يمكن

سألتُها الصفح عن هذا الدرس القاسي وسلمتها، بدهشتها البالغة، الثمانين روبلا كلها..
فشكرتني بخجل وخرجت
تطلعتُ في اثرها وفكّرتُ: ماأبشع أن تكون ضعيفاً في هذه الدنيا